المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, 2025

استعادة جزء من الذكريات

استعادة جزء من الذكريات بعدما قل عدد الاشخاص الذين يأتون للسلام والتحمد بالسلامة، أصبح لدي متسع من الوقت لأتعرف على شوارع منطقتي السكنية من جديد، و لعلّي ألتقي بأناس غيبها المهجر عني . أواخر نوفمبر / تشرين الثاني، كان الجو يميل إلى البرودة، مشيًا على الأقدام، بين البيوت المهترئة التي تشعر بأنها ستنهار في أيّ لحظة وأنت تمر بجوارها، ازداد الصفيح فيها حتى أصبحتُ أرى في البياض قسوة . لا مهرب من سطوة تكرار البياض الذي حوّل المنازل إلى ما يشبه مصانع الصفيح . شعرتُ فجأةً بلسعة برد جلبها حنيني إلى هذه البيوت، التي أحن إليها أكثر من المنازل القرميدية في بريطانيا . لففتُ ذراعيّ حول بطني و واصلتُ المشي . أُغلقت بعض أبواب الدواوين، لكن ما زال العديد منها مفتوحًا، رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها الناس . الكرم هنا يصارع قيود الواقع، وأحيانًا المستحيل . وإذا أردتُ أن أصف الجيران أو معظم سكان المنطقة ببضعة كلمات : الفقر أكثر ما يميّز الجميع لكن لدى الجميع كبرياء يط...

العيد الأول بعد الغياب

العيد الأول بعد الغياب ________________ بينهم جالس، أُشكك في حقيقة وجودي حولهم؛ أكذب عينيّ مرة وأُصدقها بابتسامة خفية.  أحدّق في وجوههم كما لو أنني أراها لأول مرة، أشاركهم كل ضحكة   يضحكونها، أُعوّض عن ثماني سنواتٍ دون مشاركتهم المزاح، أتعرف على ملامح أطفال العائلة الذين جاؤوا إلى الحياة أو الذين كبروا بعد رحيلي،  أحاول أن أحفظ ملامح كل الوجوه، كما لو أنني أخشى أن يأخذني القدر بعيدًا عنهم مرة أخرى. أستعيد في ذاكرتي أول عيد عشته في المهجر؛ كنت حينها أعيش في منزلٍ للاجئين في مدينة نيوكاسل، وكتبتُ ذاك اليوم : " غربة.. أحاول الإنشغال بأيّ شيء لأتحاشى التفكير بأن اليوم عيد، وأن بيتنا يتزين بضحكات أمي و أبي." رائحة القهوة الشمالية التي كانت تملأ مجلس عمي، يدُ ابن عمي (حمد) التي تمسك باعتزاز الدلّة وتمتد لتقهويني، ضحكات الأعمام والأبناء والأحفاد، التبريكات المتبادلة بيننا وبين الجيران ومرتادي المجلس، لحظة البهجة التي تملأ وجوه الأطفال بعد حصولهم على العيدية، دفء مشاعر الفرح بين الأحباب… كلها تفاصيل سلبها المهجر. حينما تغيب التفاصيل التي نحبها تتفاقم رغبتها في قلوبنا، ولهذا نشعر ...

ميزة المهاجر

ميزة المهاجر ! ____________ المهاجر يملك ميزة تعددية الرؤية بين على الأقل ثقافتين مختلفتين مما يمنحه القدرة على فهم هويته التي تتصادم مع ثقافة بلد المهجر، ففي المهجر يستطيع المرء من بعيد أن يحمل المشهد بمجمله لأول مرة. في بريطانيا، في المهجر اكتشفت عمق عروبتي وأحببتها أكثر من ذي قبل. لا بسبب المقارنات والتأملات وحدها بل أيضًا بسبب الانغماس التلقائي مع عدد كبير من المهاجرين العرب  لديّ شعور دائم بالامتنان إلى بريطانيا، لما منحتني إياه من مواطنة، لغة جديدة وتجارب عديدة، لكنني مجرد مهاجر آخر يضاف إلى سلسلة المهاجرين الذين يأتون من كل بقاع العالم، هربًا من السجون، الفقر ومستقبل مقلق، بحثًا عن ملجأ ومستقبل آمن. لكنني أنتمي إلى هذه الأرض العربية، هذه الصحراء، وهي تنتمي إليّ. يقول جاسم الصحيح : أنا بدوي الروح ما زلتُ أنتمي  ‏إلى الريحِ حتى قامَ ما بيننا عهدُ ‏و لو كانت الصحراء ثوبا خلعتها و ألقيتُها عني و لكنها جلدُ