العودة


                                                                العودة


 كلما يقترب موعد العودة بعد سنوات المهجر كلما تزداد مخاوفي من أن أكون غريب مجددًا، ففكرة البدء من جديد لوحدها مرهقة حتى وإن كررتها مرات عدة في تنقلاتي بين المدن التي عشت فيها.


  يتملكني شعور بالفرح ممزوج بالتوجس، أفرح عندما ينسج خيالي لقائي بمن أحب، وأخشى أن ينتابني القلق بعدما تنتهي لحظات اللقاء العاطفي عندما تأتي لحظة التساؤلات والتفكير في الاستقرار  أين ؟ وكيف ؟ عقلي يريد أن يستعيد كل ما هو إيجابي فقط، ويتكرر السؤال هل ما كان يسعدني ومحببًا لديّ ما زال ينتظرني أم انقضى زمنه !


  ها أنا ذا عائد .. في طريقي إلى مطار هيثرو الذي جئته أول مرة لاجئًا مهاجرًا يجهل كل ما حوله، حتى أصبحت أسير عبر ممراته واثقًا من غير إبداء أيّ فضول عبر توالي السفرات من خلاله.


  أجبت موظف شركة الطيران بالنفي عن وجوب تذكرة عودة إلى ما أسماه  “ Your country “

  قاصدًا بريطانيا  كما يؤكد جواز سفري الجديد، أجبته ممازحًا :

“ I am going to my country from my country “ 

  ثم أخذت أحدث نفسي وأنا أنتظر السماح لنا بركوب طائرة " العودة" هل اقتلعت وثيقتي البريطانية تاريخي وسحنتي واسمي، هل تستبدل الوثيقة حياة ما زالت ذاكرتي مسجونة بتفاصيلها, أحقًا أحتاج تذكرة عودة، أأنا ذاهب لا عائد !

  لم أشعر بأنني بريطاني لكنها الأوراق تقول ذلك، لم أحب يومًا خانة الجنسية في هويات الأوراق الرسمية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مواطن لأول مرة في حياتي !

ذكريات جمعتها العكازات.